بجانب شـئ من الذكري والقليل من"فناجين"
القهوة التي ملئت حواف المنضدة ، وبضع لفافات تبغ قد أنهكها طول النفخ فيها حتي
أصبحت فلاتــر الواقع لا تحتمل هشاشتها ، وغيرقابلة لإصــلاح (المزاج) !
فوضي عارمة تُحيط بالمكان... علي الأريكة المقابلة لتلك
{المنضدة} سالفة الذكـر كان يرقد..
كائن بلقب إنسان ... فاقد الأهلية والإحساس، ثيابهُ رثـه
، ويغطيه غُباروكأنه كان في غمارمعركة .. ياتري أية معركة تلك... وإلي اي جانب كان
هذا الكائن (عريض المنكبين .. شاحب الوجه ... مصفر العينين وكأنه مصاب بهذا الوباء
الذي فتك بأكباد شعب كان يُقال عنه أنه شعب عظيم)..!
تحركت يداه قليلاً حتي سقطت وكأنها بلا روح .. نظرة
خاطفه علي جانب قدمه اليمني ورأيت شيئا لم آراه من قبل سوي في نشرات الأخبار التي
تذيع أخبار شهداء غزة ..أفغانستان ، العراق ، وأخيرا ســوريا..
أعتقد أن سبب تلك الندوب كانت بضع رصاصات مطاطية
،اطلقتها أيادي خارجية تعبث في أمور بلده الامنية ..!
كان معي كثيرون
ممن يُسمون (مصلحةالأدلةالجنائية) .. وكانت هناك بطانية متهالكة كصاحبها ملقاة علي
صدره وجزء من قدمه اليسري...
... تُشبه تلك
التي تمنح لضحايا تسونامي ... لا .. لا ، فهؤلاء الكائنات التي تعيش في كوكب آخر
يسمي اليابان .. لا يمكن أن يقبلوا بمثل
هذه المعونات المهينة .
أزحــت البطانية قليلاً ... وراعني مارأيت...
وجدت "بطنه" عاريا وقد تمت خياطته ومعالجته
معالجة مبدأية تُشبه تلك الإسعافات الأولية في مناطق الحرب والميادين الثوريـة !
جاء الطبيب الشرعي ليُعلن ساعة الوفاة ...
صحيح .. لقد نسيت ان أخبركم أن جيرانه قد قدموا بلاغاً
في مخفر "الوطن" يفيد بأن هناك أصوات عالية تصدر من شقة هذاالكائن ...
والتي خفتت قليلاً قليلاً.. وأعقبتها رائحة كريهة نتنه ... تشبه رائحة الأموات ...
وتلازم هذا مع غيابه التام .. وانقطاعه عن عمله .. ولم يعد أحد يراه كالسابق...
قال الطبيب الشرعي :
أعلن ساعة الوفاة اليوم الموافق .....
أعلن ساعة الوفاة اليوم الموافق .....
وبينما كنا في محاولة لتحديد معالم الجريمة ، إذا به
ينهض ... نفض القليل من الغبار الذي يغطيه.. وحمل قطعة قماش علي ما يبدو أنها
"علم" لدولة ما .. حمل معه أيضا صورة لشاب في العشرينيات من عمره .. وقد
كتب عليه صديقي (أحمد) ... ووضعت علي
الصورة شارة الوفاة ...
ترك باب شقته مفتوحا .. وتركنا في فوضي ومحاولة لاستيعاب
الموقف .. جريت خلفه ورأيته يقف في الميدان المقابل لشقته والذي كان اسمه يوماً
(ميدان التحرير) ...
وما هي الا دقائق قليلة ووجدت بجانبه آخــرون ...
وجميعهم يحملون شعاراً واحـــداً (الثورة مستمرة) ..
لكن المفاجأة أن هناك طلقة استقرت بين عينيه أظنها قادمة
من أعلي العمارة التي يقطن فيها ... فسقط صريعا.
وضعه زملاؤه جانباً .. والتحف أحدهم نفس العلم .. ونفس
الراية ... لكن وضعت بجانب الشعارالسابق جملة أخــري :
{مــش بالرصاص ..ولابالموت هنتهي .. أنا الي فيها هعيش
.. ولو مت إيه يعني .. دانا يادوب هبتدي} .
ســارهـْ علي
الرسمة للرائعة / رنيم هشام
0 التعليقات:
إرسال تعليق