الأحد، 30 ديسمبر 2012

جرامــافون !

(عَوِدت عيني ... علي رؤيااااك)

صوتها يعلو بِهمسٍ لطيف  ،  يُحاصرك ثم يأسِرك... رهينةٌ أنتْ ، وأنا رهينه    !!
 كل يوم يستيقظ علي صوت خافت "خفوت القمر" وساطع سطوع الشمس ...
"من هذاالذي يصحو علي صوت السِت يومياً ؟!" تساءل في نفسه مرات كثيرة دون جدوي !

في اليوم التاالي إستيقظ علي نغماتٍ أخري هذه المرة تحمل تِلال رائحة تِلال التلج ، والأخشاب الرطِبة ..
الصوت يعلو شيئاً فشيئاً  ..

 (سئلتك حبيبي لوين رااايحيين .. خلينا خليناااا وتسبقنا سنييييييييين ) !

مرة في مرة إعتاد أن ينتظر مِزاج هذا الشخص القاطن أمامه ، هذا الجار الذي لم يرهُ أبداً ، و علي مايبدو لم يسمع بهِ سِوااه.
أن تنتظر مِزاجيات وتقلبات  الآخرين ثم تتحول مع الوقت  إلي عادات لا غِني عنها . . .


شيئاً ما في نفسي يجعلني أتعرَّف إلي هذا " الجار " الذي يتوافق مِزاجه معي دائماا ، كل صباح أشعر وكأن يُحادثني وحدي ، يُغني لي فقط .. ولا يُسمع ترانيمه أحداً سِواي .. أتراني في ظني هذا عاقِلاً أم جبان ؟؟! لِماذا أرفض كونها مُصادفات لا بأسَ ولا تعمُد بها ، وهداني ظني لوهلة أنه ربما تكون حالة من حالات توارد الخواطِر !!

لكن يوم ذكري إستشهاد صديقي في حرب الإستنزاف تغيرت هذه الظنون ، صديقي "مُراد" الذي نوفي بين يدي ، دون مقاومة للألم أو قُل دون مقاومة للموت .. تركني وحدي ، فنركته ، ولفظته من داخلي ، وقتلتني بذلِك !

عُدتُ إلي وعيي بعد فترة حِِداد طال أمدُها ، إنخرطتُ في الجندية ،" ثأري ثأران " .. 

وانا الذي لم يُتابع يوما نشرة أخبار ولم أقرأ جريدة ، هذا ما يفعلهُ بِكَ (الفقد) .. يُغيرك ويُبدلُكَ بـآخر لا تعرفه ...

" وإن موت يا أمي متبكيش راح أموت علشان بلدي يعيش" ...

 الصوت هذا الصبااح مُختلف ، مدعاة للتضحية ومؤانسة للألم ،
 "فقدك كان أكبر من يُحتمل" .. مريضٌ أنا بك يا صديقي...

"وإن مر يوم من غيررؤيااك .. وان مر يووم من غير لقياك .. مينحسبشي من عمررررري"
زوجتي الرااحِلة : عاد "الجرامافون" ليغني أغنيتك المفضلة ، رحمك الله ...  توقفت حياتي عند رحيلك ، كم أنا شريدٌ بدونك !!

بعد أن إنتهت الأغنية أطفئت الزوجة "الجرامافون" ، وأعادت الاسطوانات إلي مكانها وإنصرفت إلي عملها ، أقت نظرة علي الصورة المعلقة علي الجِدار وتمتمت قائلة : 

"رحمك الله يا زوجي العزيز ....... هذه كانت أغنيتنا المفضلة ، عيد زواج سعيد ، سألقاك في الجنة" ..
رآها .. لم يستطع لمسها ... هكذا الأشباح يتفاعلون ...  !!

جراما فون .. ســاره علي